[center]منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية الخاصة بالقولة
· يكون حجم القولة قصيرا ومكثفا، فهي غالبا ما تتكون من جملة أو جملتين. وتكون مرفقة بسؤال مطلبي يتخذ صيغا مثل:- أوضح مضمون القولة وبين قيمتها.- أو اشرح مضمون القولة وبين أبعادها.- أو في ضوء القولة، بأي معنى … ؟- انطلاقا من القولة، ما هي … ؟أو ما شابه هذه الصيغ … ( وكإشارة فقد أخذت هذه الصيغ للأسئلة التي ترفق بالقولة من امتحانات وطنية بشكل حرفي ) · بعد
قراءة القولة والسؤال المرفق بها، يكون علينا العمل على اكتشاف الإشكال
الذي سنعالجه وذلك بالوقوف عند مطلب السؤال المرفق بالقولة والوقوف عند
المفاهيم الأساسية المكونة لها وتحديد العلاقات الموجودة بينها، وذلك في
أفق تحديد أطروحة القولة وتدعيمها بمعلومات لإغنائها وتوضيحها وكذا تقديم
حجج مفترضة لتدعيمها.· بعد
هذا نفتح القولة على مجموعة من الأطروحات الفلسفية من أجل مناقشتها إما
بتأييدها وتطويرها أو معارضتها وتبيان حدودها. ويجب أن تقدم الأطروحات بشكل
متدرج ومتسلسل من جهة، وبشكل يجعلها تدخل في حوار مباشر وحقيقي مع ما
تضمنته القولة من أفكار أو أطروحة عامة.· في
الأخير يكون علينا أن نقوم بعملية التركيب من خلال جمع شتات الموضوع
وتسطير النتائج المتوصل إليها، والتي يجب أن تكون متناسبة ومنسجمة مع ما
قيل في لحظتي التحليل والمناقشة. ثم بعد هذا نتساءل حول حدود هذه النتائج
المتوصل إليها ونفتح الموضوع على آفاق أخرى جديدة لم تتم معالجتها فيه.
ويتم ذلك بطرح سؤال أو أسئلة مفتوحة دون أن نجيب عنها حتى لا نكون مضطرين
إلى كتابة موضوع مقالي جديدي. هكذا يمكن تقديم الخطوات الأساسية لصيغة القولة المرفقة بسؤال كما يلي: المقدمة: وهي تتضمن: أ- تمهيد مناسب
لموضوع القولة ويمكننا من إعطاء تبريرات كافية لطرح الإشكال الذي يتم
استخلاصه من القولة والسؤال المطلبي المرتبط بها. ويمكن أن يتخذ التمهيد
عدة صيغ مثل:· الانطلاق من السياق التاريخي (تاريخ الفلسفة بطبيعة الحال) الذي طرح فيه الإشكال.· الانطلاق من التقابلات أو المفارقات التي قد تثيرها القولة او يتضمنها السؤال المرفق بها مثل: الضرورة/الحرية أو المطلق/النسبي ، الطبيعي/الثقافي …الخ.· الانطلاق من واقعة اجتماعية أو سياسية أو دينية أو أدبية أو شخصية … تسمح بإثارة تساؤلات تعبر عن الإشكال الذي يتعين علينا معالجته في الموضوع.· الانطلاق من تعريف المفهوم المركزي في القولة والذي تتأسس عليه أطروحتها. بشرط أن يسمح مضمون ذلك التعريف بإدخالنا في قلب الإشكال الذي نود معالجته في الموضوع.· وبطبيعة
الحال يمكن ابتكار أشكال أخرى للتمهيد، فقط يجب أن تتضمن القدر الكافي من
المبررات والمسوغات التي تكون قادرة على إقناع القارئ (المصحح) بأهمية
وضرورة طرح التساؤلات التي تشكل في تداخلها وترابطها الإشكالية التي
يتضمنها الموضوع الذي نسعى لمعالجته. ب- صياغة الإشكال
من خلال طرح تساؤلات استفهامية ودقيقة تستخلص من القولة ومن السؤال
المطلبي المرفق بها. ولهذا يجب التركيز جيدا على دلالات مفاهيم القولة
والعلاقات الموجودة بينها لاستخلاص أطروحتها والانطلاق منها لصياغة الإشكال
من جهة، كما يجب الانتباه جيدا إلى ما يطلبه منا السؤال المرفق بالقولة
لكي تكون صياغتنا للأسئلة دقيقة من جهة أخرى. العرض: وهو يتضمن فقرتين متكاملتين: تحليل ومناقشة. 1- التحليل: خلاله نقوم بالعمليات الرئيسية التالية: - الاشتغال على مفاهيم القولة من خلال تحديد دلالاتها والعلاقات الموجودة بينها.- تحديد الأطروحة المتضمنة في القولة وصياغتها صياغة دقيقة.- تحديد الأفكار الأساسية
المرتبطة بهذه الأطروحة إذا تضمنتها القولة، أما إذا لم تتضمنها فنعمل من
جانبنا على توسيع أطروحة القولة وإغنائها بمعارف وأفكار فلسفية مناسبة.- العمل على توضيح أطروحة القولة والأفكار المرتبطة بها من خلال معلومات وأمثلة مستخلصة من الرصيد المعرفي للتلميذ أو من واقعه المعيش.- ربط أطروحة القولة بمذهب فلسفي أو نزعة فكرية معروفة إذا كان ذلك ممكنا. بعد عملية التحليل واستخلاص أطروحة القولة نعمل على التساؤل حول حدودها، وذلك في أفق التمهيد للحظة المناقشة. 2- المناقشة: ونميز فيها بين مناقشة داخلية وخارجية: أ- المناقشة الداخلية: وخلالها
نقوم بإبراز مدى قوة أو ضعف أطروحة القولة والحجج المرتبطة بها. كما نبين
الجوانب التي أغفلتها القولة ولم تنتبه إليها إذا بدا لنا وجود مثل هذا
الإغفال بطبيعة الحال.وفي
جميع الأحوال فلحظة المناقشة الداخلية هي لحظة مهمة لكي يدلي التلميذ
بدلوه في النقاش ويبرز تصوره الخاص للقضية التي طرحتها القولة وأجابت عنها.هكذا
يمكن للتلميذ، حسب قناعاته أن يبرز تأييده لما تضمنته القولة أو يبرز
معارضته لها، على أساس أن يكون ذلك مشفوعا بأدلة وتبريرات كافية. ب- المناقشة الخارجية: بعد
ذلك يتم الانتقال إلى المناقشة الخارجية التي يستحضر فيها التلميذ أطروحات
فلسفية عالجت الإشكال المطروح للنقاش. وقد تكون تلك الأطروحات إما مؤيدة
للأطروحة المتضمنة في القولة أو معارضة لها. كما
ينبغي استحضار أمثلة لفلاسفة يتبنون إما الأطروحة المؤيدة للقولة أو
المعارضة لها من أجل إغناء الموضوع الإنشائي من الناحية المعرفية.وتجذر الإشارة هنا أنه يجب إدخال المواقف الفلسفية في حوار مباشر وحقيقي مع ما تضمنته القولة من أفكار وأطروحة.كما
يتعين خلق حوار بين هؤلاء الفلاسفة أنفسهم والانتقال من موقف إلى آخر بشكل
متدرج ومنطقي، وبحسب ما تقتضيه السيرورة التي خضعت لها المعالجة الفلسفية
للموضوع.كما
يتوجب تعزيز أطروحات الفلاسفة بالحجج التي قدموها لتدعيمها من جهة،
والتعبير عن أفكارهم باستخدام المفاهيم التي نحتوها لإنتاج أطروحاتهم من
جهة أخرى. الخاتمة: وهي تتضمن خلاصة تركيبية وسؤال مفتوح. أ- الخلاصة التركيبية: فيها
نحدد النتائج المتوصل إليها من المسار الذي قطعناه أثناء العرض. كما تعكس
المجهود الشخصي للتلميذ من خلال تحديد الفكرة الأساسية التي توصل إليها بعد
أن حلل القولة وناقشها.ويمكن أن تعبر الخلاصة عن الطابع الشائك والمعقد للإشكالية المطروحة؛ بإبراز تكافئ أو تكامل الأطروحات التي تم تقديمها.كما يمكن أن ننتهي فيها إلى الانتصار لأطروحة بعينها شرط أن نكون قد مهدنا لذلك في لحظة العرض.كما يمكن أيضا الانتهاء إلى موقف تركيبي يجمع بين عناصر متعددة موجودة في كل الأطروحات التي تم عرضها. ب- السؤال أو الأسئلة المفتوحة: يستحسن
في الكتابة الإنشائية الفلسفية أن تعبر عن روح التفكير الفلسفي الذي تكون
فيه الأسئلة أهم من الأجوبة بحيث أن كل جواب يصبح بدوره سؤالا جديدا.هكذا
يكون علينا التساؤل حول النتائج المتوصل إليها في الموضوع، وإبراز ما تم
إغفاله من جوانب وفتح آفاق التفكير في الموضوع على إمكانيات جديدة. 2 تعليقات على “منهجية الكتابة الإنشائية الفلسفية الخاصة بالقولة” محمد الشبة يعلق:
10 أبريل, 2009 في الساعة 00:31 أهلا بكم
إننا نقدم هنا اجتهاداتنا وتجاربنا الفصلية، بما لها وما عليها، لكي
نطرحها كأرضية للنقاش حول هموم وقضايا الدرس الفلسفي ونتبادل التجارب
والخبرات مع الآخرين.
ويمكن أن أقول بأن الكتابة الإنشائية الفلسفية هي الغاية الأساسية من الدرس
الفلسفي؛ إذ أن هذا الدرس يستهدف تدريب التلميذ على اكتساب أدوات وقدرات
ومهارات التفكير الفلسفي، وهي المهارات التي يتوجب على هذا الأخير ترجمتها
على مستوى الكتابة الإنشائية.
وغني عن البيان أن منهجية الكتابة الإنشائية تهم بالدرجة الأولى تلاميذ
السنة الثانية باكلوريا، لأنهم مطالبون سواء في الفروض أو الامتحان الوطني
بالكتابة المقالية المتعلقة بالنص أو القولة أو السؤال المفتوح.
وينبغي أن أشير إلى أنه لا يكفي أن يتمثل التلميذ خطوات ومقتضيات هذه
المنهجية نظريا، بل لا بد له أن يطبقها عمليا من خلال الاشتغال فعليا على
مواضيع بعينها؛ إما نصوص أو أقوال أو أسئلة مفتوحة، لأن التطبيق العملي هو
الذي يجعل التلميذ يقف عند الأخطاء التي يرتكبها في أفق الوعي بها وتجاوزها
في محاولات لاحقة. هكذا لا يجب على التلميذ أن يبقى مكتوف اليدين وينتظر
لحظة الفرض أو الامتحان لكي يحلم أنه سيستطيع إنجاز كتابة إنشائية في
المستوى المطلوب، بل لا بد له من التمرن الدائم على الكتابة الإنشائية لأن
هذا التمرن هو الذي من شأنه أن يطور قدراته وإمكانياته في إنجاز كتابة
فلسفية تتوفر فيها الشروط المنهجية والمعرفية اللازمة.
[/center]